الثقافة والفن

نافذة على الشعر.. مع الشاعر الأستاذ سيد محمد بيات

من هو الشاعر سيدي محمد ولد بيات ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله و سلم على نبيه الكريم
أولا أشكركم على الاستضافة وأحييكم على هذا الاهتمام بالشعر خاصة في تيرس التي انشغل أغلب ساكنتها عنه بحكم طبيعة أنشطتهم الإقتصادية.
سيد محمد ولد محمد عبد الله ولد بيات من مواليد 1971 بمدينة آوسرد، جئت إلى ازويرات صغيرا، تقريبا في عمر ست سنوات وكان الوالد يرفض ذهابي إلى المدرسة انطلاقا من اعتباره لها تابعة للنصارى إلى أن جاء ابن أخيه إلى ازويرات مدرسا و بعد وساطات كثيرة من الأخير وأقارب آخرين قبل التحاقي بالمدرسة ، واشترط حفظ القرآن قبلها وتم ذلك.
وكنت قد درست القرآن على الوالد رحمه الله و كذلك كان يحرص على تعليمي الشعر فحفظت المعلقات والكثير من الشعر الجاهلي خاصة ديوان الست الذي يدرس في المحاظر ، كما أن الوالدة حفظها الله حرصت في أثناء رفص الوالد للمدرسة على التحاقي بدروس تعليم الكبار من وراء ظهره حيث تعلمت هناك مبادئ اللغة الفرنسية و الحساب.
وقد كنت في بداية دراستي للقرآن ، وفي دراستي للمدرسة أكتب الشعر الجاهلي القصائد الشعرية خاصة( ديوان الست ) الذي كان يدرس أنذاك في المحاظر وكتبت شعر امرؤ القيس خاصة الموجود منه في ديون” الست”وبعض المعلقات وأجمعها في دفتر عندي أعود إليه بين الفينة والأخرى وبعد فترة إذا بي حفظت كل ما فيه وبنفس الطريقة حفظت أغلب المعلقات ، وقد التحقت بالمدرسة متأخرا بعد زملائي بسنوات حيث سجلني ابن أخ للوالد وهو المدير محمد بن محمد فال في السنة الرابعة وبعد شهر تبين لهم أني يمكن أن أنتقل للقسم الخامس حيث بقيت حدود شهر فقابلني المدير وصارحني بأني يمكن أن انتقل إلى السنة السادسة ولكن بشرط أن أترك كرة القدم حت أتجاوز مسابقة دخول الإعدادية فأبديت الموافقة ولكني لم ألتزم بالشرط فكانت كرة القدم تأخذ مني وقتا كثيرا ، ومع ذلك نجحت في المسابقة بحمد الله .
وفي الثانوية كنت في السنة الخامسة رياضيات ألا أن ميولي إلى الشعر الذي صاحبني منذ الصغر لحفظي لتلك الأشعار ظل يلاحقني ولم تستهوني الرياضيات كثيرا وفي النهاية قررت من السنة الخامسة الالتحاق بالسنة السادسة آداب وقد توقع بعض الزملاء أن أجد صعوبة في المتابعة مع تلاميذ التحقوا بالآداب من البداية لكني في الامتحان كنت أول الناجحين في ازويرات والثاني عشر وطنيا
في تلك السنة شاركت في امتحان المعلمين وكانت سنة صعبة حيث جمعت بين تكوين المعلمين والجامعة والحمدلله لم أتعثر في أي سنة درّست سنتين في آدرار وخمس سنوات في الحوض الشرقي وفي تلك الأثناء كنت مواصلا في الجامعة وفي أيام الامتحان آخذ البرنامج من الطلاب وأعكف عليها .. وكان النجاح حليفنا لله الحمد دائما تخرجت من الجامعة سنة 1996-1997 وفي سنة 2000 كانت هناك مسابقة للمعلمين أصحاب شهادة المتريز وكنت بحمدلله من الناجحين الاوائل وكان معي الاستاذ محمدن ولد الرباني حيث حولنا إلى ازويرات الحبيبة فقضيت فيها ثماني سنوات ورجعت إلى انواكشوط ، وفي السنوات الأخيرة كنت أتابع في الماستر في جامعة ابن ياسين التي تم إغلاقها أخيرا وتجاوزت مراحلها وبقيت لي الرسالة فقط.
كيف اكتشفتم الشاعر فيكم ، ومتى كان ذلك ؟
هذا باختصار أو إطناب عن حياتي و مسيرتي .
أما في الجانب الاجتماعي متزوج ولي أربعة من الأبناء الحمدلله ابن وثلاث بنات .

تيرس برس : كيف اكتشفتم الشاعر فيكم ؟ ومتى كان ذلك ؟

بدأت محاولاتي الشعرية منذ فترة الإعدادية وكانت محاولات ضعيفة وكنت أراسل بها الشاعر محمد الحافظ في الإذاعة وأعرضها على الأساتذة وأجد التوجيه منهم هكذا كانت البداية أذكر أني نظمت بعض القواعد الرياضية التي وجدنا فيها صعوبة في السنة الخامسة .

تيرس برس : هل أنتم راضون عما وصلت إليه تجربتكم الشعرية حتى الآن ؟

لا .. لست راضيا عما وصلت اليه تجربتي وأتمنى أن أطورها أكثر وأن أجد الوقت للشعر والادب .

تيرس برس : كيف ترون الساحة الثقافية الوطنية عموما ، والتيرسية خصوصا؟

الساحة الأدبية تحتاج بعض الأمور :
أولا تحتاج أن يستقر الأديب اقتصاديا معناه أن الإنسان ما دام يبحث عن لقمة العيش فالشعر سيكون أخر اهتماماته وبالتالي عندما يكون هناك استقرار اقتصادي يكون هناك وقت للشعر هذا جانب .
ثانيا لا بد من أن تكون السلطة والدولة مهتمة بهذا المجال وتشجع عليه وتقيم مواسم ثقافية في كل الولايات وتساعد أيضا ما يسمى بالمجالس الشبابية الجهوية وأن تعطى روحا جديدة وأن توسع اهتمامتها لأنها الآن اهتمامها الأكبر بالرياضة ، وكذلك النوادي الشبابية الثقافية نجد أنها في الفترة الأخيرة كادت تتمحض للرياضة في حين ضمر الاهتمام بالأدب فعلى الممثليات الشبابية الجهوية أن تعطي دورا أكبر للأدب وتستعين بمن لهم باع في المجال ، و إذا كانت تحتاج إمكانيات توسع إمكانياتها ، وكذلك ينغي أن يختار لها من لديهم باع في المجال ، فهناك تهميش واضح للأدب والشعر من طرف السلطة ، وتقصير شديد في تشجيع أصحابه وتوفير مناخ أدبي يتربى فيه ناشئة بلاد المليون شاعر ، فينبغي تنظيم مسابقات وإقامة أيام ومواسم ثقافية في كل الولايات . وتجربة المدن التاريخية تجربة يمكن أن نقول أنها جيدة ولكن بقي جانب الشعر فيها ضامرا
كما أن رابطة الأدباء وإن كانت الدولة في الفترة الأخيرة ساعدتها ماديا بزيادة ميزانيتها فهي تحتاج متابعة ورقابة أكثر لتصرف تلك الميزانية فيما يخدم
أما الساحة التيرسية فهي في وضع أصعب حيث لا تساعد البيئة العامة والمحيط فالأدب يكاد يكون غريبا فيها بعد أن كانت مرعى خصيبا له.

تيرس برس : ماذا تحتاج ساحتنا الأدبية لتكون بحجم تطلعاتكم ؟

تحتاج ساحتنا الأدبية كما أشرت سابقا إلى تضافر جهود الجميع من سلطة وهيآت إدارية ومجتمعية وإعلام لانتشال الأدب من وهدة الخمول التي تردى فيها في الفترات الأخيرة ويقع الدور الأكبر على اتحاد الأدباء الذي ينبغي أن يبادر ويطلب العون من كل الجهات .

تيرس برس : بوصفكم أحد أبناء تيرس وأحد الذين تربت على أيديهم بعض أجيالها تدريسا بثانوية .. هل لتيرس أن تعود فردوس الشعر الذي كانت عليه أيام ولد الطلبة اليعقوبي ، وما السبيل لذلك؟ وهل تقف منجمية تيرس بوجه ازدهارها ثقافيا ؟

لا ينبغي أن تقف منجمية تيرس في وجه الثقافة بل العكس ينبغي أن تكون مساعدة فالشركة الأكبر وطنيا ، والأكثر تشغيلا لا بد أن تكون لها مساهمة في النهوض بثقافة الوطن وترسيخ مميزاته ، وهي تبذل جهودا في جوانب ثقافية مختلفة نرجو أن يأخذ الشعر مكانه اللائق فيها

تيرس برس : الشعر إلى أين في ظل هذه الثورة الرقمية ؟

الشعر والثورة الرقميه لا شك أن انهماك الشباب في وسائل التواصل وإنفاقهم الساعات تلو الساعات فيها كان له الأثر الكبير في إبعادهم عن ميدان الشعر والإبداع ، إلا أن المسابقات الوطنية والدولية الشعرية كان لها دور في إعادة الاهتمام بالادب .

تيرس برس : هل تحظون في الساحة الوطنية بالمكانة التي تستحقون أم أنكم تعانون الغبن لصالح آخرين دونكم تجربة شعرية لأسباب لا علاقة لها بالشعر ؟

لا أشعر أنني مغبون فالمهتمون بالشعر حاضرون بقوة في ميدانه والمتصدرون دائما هم الذين يحضرون بقوة لدى اتحاد الأدباء والمراكز الثقافية وغيرها ، وأنا الغائب الأكبر عن تلكم الساحات بسبب الانشغالات .
المهرجان السنوي للأدباء شاركت فيه مرة فقدمت نصا لكابر هاشم رحمه الله فأدرجني في المشاركين تلك المرة أظن أنها كانت في سنة 2005 وبعد ذلك لم اتصل بهم .
واتصل بي بعض الزملاء في انتخابات اتحاد الأدباء وطلب مني الانتساب للاتحاد ، وألح علي وسلمت لهم بعض النصوص والسبب هو اهتمامات أخرى بعيدة عن الشعر تأخذ مني وقتي.
والشعر أكتبه فقط في أوقات قليلة ، وفي مناسبات خاصة وفي هذه الحالة لا أشعر بالغبن لأنني كما ذكرت بعيد عن الساحة ولا أنافس على مقعد معين حتى أغبن أو يأخذه غيري مني بغير استحقاق.

تيرس برس : ما مشاريعكم الشعرية على المديين القريب والبعيد ؟

الحقيقة ليست لدي مشاريع في هذا المجال كما قلت أفكر أحيانا في طباعة ديوان ، ولكنه تفكير دئما يؤجل ويتأخر بسبب المشاغل .
أسعى مع زملاء لي لتأسيس اتحاد أدباء الشمال والخطوات متقدمة .

تيرس برس : كلمة أخيرة لجمهوركم عبر تيرس برس :

أشكر موقع تيرس برس على هذه الفرصة التي أتاح لي باسمي واحد من أبناء الولاية يتمنى لها الرقي ويسعى إلى تمثيلها أدبيا على الأقل وأرجو من القيمين على الشأن و الإدارة الجهوية للشباب أو وسائل الإعلام و الإذاعات أن تعطي اهتماما لتراث شنقيط الذي عرفت به .
كما أن على شركة اسنيم أن تقوم بدور في المجال يناسب جهودها في الرياضة وغيرها . فنحن نعتب عليها ونأخذ عليها تهميش الأدب ، ولعل ذلك عائد إلى التكوين الفني للأطر الكبار فيها . وكذالك اوجه كلمة للطلاب و اسرة التدريس لأنها هي الأقرب إلى الساحة الشعرية والثقافية في تيرس الزمور ، وأطلب منها أن تبحث عن المواهب وتشجعها وتوجهها . فالشعر ديوان العرب وهو تاج شنقيط الذي تضعه على رأسها عرفت به في المحتمعات العربية والإسلامية فينبغي الاهتمام به وإعطاؤه أولوية أكثر واهتماما أكبر من طرف الجميع وأظن أن وجود الأستاذ الشاعر الشاب المبدع محمد محمود الساسي في ازويرات سيكون له دور كبير في نهضة شعرية نرى بوادرها خاصة أنه جمع بين خصال قل أن تجتمع في شخص وأولها كونه شابا بما تحمل التسمية من النشاط والتضخية من أجل الهدف وأنه ابن المدينة وأنه مبدع يعد من كبار السعراء .. وأرجو من الشباب أن يتصلوا به وأن يستفيدوا من تجربته ، وأرجو من الكبار ايضا ان يلتفوا حوله لتتأسس نواة أدبية تحلق عاليا في فضاء الإبداع.

تيرس برس : نماذج من شعركم :

أواصر الملإ الأعلى

الكون غنى لميلاد الهدى طربا
واهتز صرح بناء الشرك واضطربا

سجود إيوان كسرى كان معجزة
لما رأى النور في الأفاق مقتربا

يستنصت الأرض والتاريخ منتظرا
ميلاد درة هذا الكون مرتقبا

يلوح إشعاع هذا النور منطلقا
من مركز الكون والأقداس منتخبا

هناك أول بيت ظل منتظرا
لآخر الرسل يزجي نحوه الحقبا

أواصر الملإ الأعلى وما رسمت
خطا الخليل وروح القدس قد صحبا

النار من سالف الأيام ما خمدت
ما بالها إذ تعاف الضوء والحطبا؟

يا ويح قوم أساؤا اليوم، ما عرفوا
تلك السماحة والأخلاق والأدبا!

حتى البهائم تأتي وهي طائعة
حتى الجماد إليه حن وانتحبا!

جبريل والسبع والأملاك خلفهم
في قاب قوسين لم تدرك له رتبا

سل كل مئذنة في الأرض سامقة
تعطر الأفق والأفلاك والسحبا

حاشى سراج الهدى والنور ما فتئت
غر المحامد من أخلاقه عجبا

نبي بذل وإحسان ومرحمة
فكم من الطلقا في الفتح قد وهبا

لعمر ربك ما ينفك مبتسما
طلق المحيا فما آذى وما ضربا

“أثنى عليه بما قد كان ناسبه
رب العباد فماذا يبلغ الأدبا”

واليوم عاد لنا الميلاد مؤتلقا
نورا يلملم أشتات السنا شهبا

يعود بالألق الموتور منذ مدى
يعيد من. بهجة الأيام ما ذهبا

يزم أشرعة أمست معطلة
أضاع منها الدجى الربان والخشبا

حيتك يا فجر من شنقيط أفئدة
تنسمت نسمات العطر منك صبا

حيتك أفئدة بالنور ما فتئت
تستنهض المجد والإسلام والعربا

* فازت هذه القصيدة بالمرتبة الأولى فى مسابقة التجمع الثقافي الإسلامي هذا العام.

________________

بيت العناكب

بيت العناكب هل يقوى على قطر
يا سدفة الغيم ملء الحقد والأشر

يا سدفة الغيم هل عرقلت وجهته
ام اضمحل شتات الغيم بالقمر

وازينت بسماء المجد طلعته
وظل يرفل في زهو وفي خفر

مهما تلبد موج الغيم وانتصبت
مثل الجبال الغيوم السود بالبصر

فطلعة البدر في الآفاق تخرقها
تشق ديجورها زحفا بلا حذر

تآمر الحقد وانهالت قذائفه
ترمي الجبال جبال المجد بالشرر

من كل فج حشود الشر قد حشرت
مثل الخفافيش خوف النور منك حر

عصابة من عبيد الذات يجمعها
حب الكراسي وسوء الفهم والنظر

يا زايد الخير زاد الشر بعدكم
وعقك الابن في الآمال والوطر

قد حاولوا الهدم للإسلام فاتجهوا
لشعلة الدين والإيمان في قطر

ولم تزل قطر يدنو لها وطر
يدعو لها نفر ،بالحفظ والظفر

أنى توجهت تلق الخير من قطر
عم الشعوب نداه الصفو كالمطر

من لليتيم ومن ذا للنزاع ومن
لللاجئين ومن للعرب، للبشر

ياشعلة زحفت في ليل أمتنا
فدمدم الفجر مجتاحا بمنحدر

تسرب النور في أرجاء هيكلها
وانساب في جسمها الهاري على قدر

فاهتز ماردها وافتض قمقمها
وألقت الثوب ثوب الذل والخور

_____________

يا نار كوني

مساؤك الشعر والألحان والعبق
ووحي صحرائك الإيمان والخلق

حداؤك اليوم أنسام معتقة
من كل لون هناك الفن متسق

يا دوحة في تماهي الفجر ظل لها
لحن تعطر من إشراقه الألق

من وحي عبقر آيات مرتلة
من عهد
يوسف حصن الحرف مخترق

بوحي وبوحي فإن البوح موسمه
مذ أصبحت حلبات الحزن تحترق

إني آنست نارا .. ههنا قبس
للتائهين مع الآفاق يأتلق

في كل ركن سنا نور على علم
مد ” الجزيرة ” مهلا أيها النزق

الكون يشرق بالأحلام نابضة
ونحن في لفحات الكبت نختنق

آمالنا في رفاة الفجر قد وئدت
خلف المجرة يغفو فوقها الغسق

يا نار كوني دعاء الفجر ردّده
يا نا كوني فكان النور ينبثق

بردا على رفح أعيت رياضته
كسرى ومال إلى الآمال يعتنق

المارد النيل ها قد عاد منتشيا
ملء الخريطة والأحلام تستبق

والشام أسرج والأبطال من يمن
غر العتاق قبيل الصبح وانطلقوا

والقدس. ترمق فوق الأكم ناظرة
ضبحا على الأرض صم الصخر تنفلق

وزغردت فتيات الترك ساجعة
الله أكبر ولى الظلم والحنق

ورتل النصر من شنقيط كوكبة
واساقط الثمر الميمون والودق

* كتبت مساهمة في مهرجان حداء الصحراء 2011

مقالات ذات صلة

إغلاق