آراء وأقلام

من وحي السباق ..!!! / عطاف عبد الرحمن اندور

يتميز المشهد السياسي المحلي منذ عدة شهور بالنوعية في طرحه و التصاعدي من حيث التدافع الفكري المنبعث او النابع من قناعات راسخة و وقفات ثابتة ، في مرحلة حاسمة بدأت لتكون كذلك ، نظراً لأهمية طبيعة المنشود سياسياً منها ، حيث تسعى الأحزاب السياسية في موريتانيا التي تقدمت بمرشحيها إلى خوض غمار رئاسيات يونيو 2019 في جو مليء بالمفاجآت و خاص من حيث الرؤى المتعارضة بين الخصوم السياسيين الذين تباينت أفكارهم و قناعاتهم ، اذ يوجد من يراهن على فوز مرشحه الذي يرى فيه المناسب و الأجدر بحكم البلاد بواسطة صناديق الاقتراع و تولي مقاليد الحكم بعد احتفائه بتنصيب تاريخي يحضره باقي الفرقاء السياسيين على حساب أصحاب مشاريع سياسية أخرى يرى أصحابها أنها مكمن السداد وحسن التدبير في عالم فن الممكن ، حيث الكل يتسابق في مضمار القناعات بمشاريع سياسية هي ما يتطلع إليه المجتمع الحالم بتوفير الكثير من الإنجازات و مزيدا من الرفاه.

حراك سياسي مبرر ، حيث تزايد الاحتقان المشبّع بأدبيات فن الممكن التي ينهل منها رواد الميادين السياسية الذين يتربعون اليوم على عرش سباق الرئاسيات الذي بدت تحضيراته أكثر تميُّزاً من ذي قبل ، حسب المراقبين المحليين و المهتمين فن الممكن على المستوى الوطني ، سباق طلائعي رصدت له جهود مضاعفة و استقطب له الكثير من الشباب المتطلع بسبر اغوار هذا الفن الذي تعيش الساحة الوطنية اليوم ارهاصات ذروته بشكل أكثر تشويقاً من سابقيه.

سباق سياسي تصدّرته انسحابات معاكسة و انضمامات متتالية جعلت من نقطة الحسم أمراً يصعب التكهّن به ، خصوصاً في ظلّ سلاسة في تداول بعض المعلومات المغلوطة تُطلق من هنا وهناك ، كتجلٍ مألوف بالنسبة لأي حراك سياسي تترقّب لنتائجه الساحة الوطنية المفعمة بالأفكار الرائدة سياسياً و كذلك الأطروحات التجريبية التي حُسمت في السابق ثمارها على أرض الواقع ، وهذا أمر كفيل بأن يكون هذا السباق الرئاسي التاريخي هو الأول من نوعه من حيث الزخم الإعلامي و الترويج للمشاريع السياسية التي يرفعها المرشحون المتسابقون لمنصب رئيس الجمهورية إلى القصر الرئاسي في انتخابات باتت ملامحها مشوقة لجميع الأنصار أو المناصرين السياسيين ، سواءً الموالين للنظام المقتنعين بنهجه التنموي والسياسي أو المعارضين لنهج النظام الذين يرون فيه مشروعاً سياسياً يمكن الاتيان بما هو أفضل منه حسب قناعتهم الراسخة في مدى تطبيق مرشحهم لذلك المشروع المنشود ، هكذا تراتبية ثنائية كل واحدة منها تقصي الأخرى في جوّ وديّ وسباق تنافسيَ شريف.

سباق بدى صعباُ بحيث استنزف جميع تصورات و نظريات المهتمين بالشأن السياسي الوطني ، بعضٌ يقول بصعوبته و بعض آخر بتحمية الحسم لصالح طرفه المفضل ، في حين ينتظر طرف آخر هو المخزون الانتخابي الذي يؤمل كثيرا في رواد المشهد السياسي الوطني الحالي ؛ من مترشحين لرئاسيات يونيو الجاري ، حيث الكل يمني النفس بفوز مشروعه السياسي الذي يرى فيه الأهلية والقابلية على مسايرة روح العصر و ما تأتي عليه من متغيرات متسارعة ، في صيغة جديدة ، طابعها الأول خدمة الوطن و المجتمع و أسلوبها الواعد المصلحة العامة هي ما دفع بمحركي هذا السباق بصورة عارمة ، يستشعر معها كل مراقب مدى الاهتمام و القيمة حيث خصصهما الناخب الذي أخذ على عاتقه الوقوف إلى جانب مرشحه الأول ، من أجل تجسيد تصوراته السياسية التي يراها واعدة ونافعة للمجتمع ، في صورة مطابقة لمعايير فن الممكن المعتادة ، بعيداً عن التكلف و نائية بنفسها عن الابتذال ، كما يصفها بعض المتمرسين سياسياً ، والمحنكين الذين نهلوا منذ باكورة هذا الفن حتى تضلعوا منه بشهادة أصحاب الاختصاص كما يُقال.

هكذا تشتد التصورات على أذهان المهتمين و المعنيين بالدرجة الأولى بها ، بتارة يحدث بعضهم عن إمكانية الشوط الثاني من السباق المحموم ، حيث سيصعب حتماً المهمة على الأطراف جميع الأطراف المتسابقة للحاق بركب المتوجين بفوز ، سيمكن أصحابه من تطبيق نهج سياسي يعتبرونه الأجدر بإحداث الفارغ على جميع الصعد ، تنموي كان أو نهضوي ، كل السبل منشودة.

كما يرى محللون سياسيون إمكانية الفوز بهذه الانتخابات الرئاسية في شوطها الأول ، أرجعوا ذلك إلى شبه ضبابية في المشهد السياسي الذي يتّسم بغزارة الرؤى والتصورات التي تتلاحق يوماً بعد يوم ، فيما يرى آخرون بحتمية الشوط الثاني حيث ستتعقد ترتيبات السباق الرئاسي على المتنافسين الذين سيجدون انفسهم في حال هكذا سيناريو مرغمين على تبني استراتيجية غير التي قرّروها نهجاً لهم ما قبل الشوط الأول أي قُبيل الانتخابات.

هذا مؤشر ما قبل انطلاق الحملات الانتخابية القائمة على الدعاية لصالح المرشحين ، وفي خضم الحملة ربما يتغير الانطباع الذي يحرك الناخب و يزيد من حظوظ من يخوض غمار هذا السباق الرئاسي المثير لفضول المتعطشين للفوز الساحق.

ردءً للنظريات السياسية التي لا مكان لها ميدانياً ، سيعمل المعنيون بحملات المرشحين السياسيين حسب معطيات استقوها من الواقع ، حيث المؤشرات منطقية تؤول لصالح كفة معينة في مكان انتخابي معين و أخرى تخذل صاحبها في رواق انتخابي آخر ، يزيد في شد انتباه أحد المناصرين دون الآخر و هكذا تراتبية الميزان الانتخابي خلال الحملة الانتخابية ، اذ الاختلالات الذهنية للمتحمسين لفوز مرشحهم دون الآخر و انطباعاً آخر يبعث في نفس البعض ثقة النجاح في هذا السباق بنشوة الفوز المستحق و الظهور بهيبة سيّد المشهد السياسي الذي يقتضي رفع القبعة من الجميع حتى تعم الفرصة التي لطالما تطلع إليها المناصرون الذين يساندون مشروع مرشحهم الأوحد الذي عانقوا شعاراته منذ بداية المشوار حتى الظفر بالفوز .

مقالات ذات صلة

إغلاق